كان الحبّ منصّة..

ألبينا تودوروفا

ترجمة وتقديم: خيري حمدان *
 
يصعب تقديم الأديبة ألبينا تودوروفا لأنّها شديدة التواضع وتكتفي بتعريف ذاتها على أنّها من جيل المهاجرين الثالث من جهة الأمّ، ولدت في الاتحاد السوفيتي، الكيان السياسي الذي لم يعد له وجود في الوقت الراهن، صدر لها ديوانان، الأوّل بعنوان "قصائد تحثّ على الحياة" بانتظار صدور ديوانها الثالث. تعيش وتعمل حاليًا في مجال المحاسبة في لندن. 

Спускай поета понякога в мини,        

خذْ بيدِ الشاعر أحيانًا بين الألغام
ليدوس الحقول الوحلة، 
والسهول التي تأوي الأبقار البدينة.
ادفعه لينسلّ تحت بطون المفاعلات النوويّة
وليغرق في جبال من سنابل القمح،
تلك التي ستصبح ذات يومٍ خبزًا 
لمن تبقّى منّا.  
 
لعلّ الشاعر يقرفص بين المسافرين المتّسخين المشخّرين
في قاطرة مكتظة خلال ساعات الليل
دعهُ يترنّح واقفًا في الحافلة في ذروة أزمة السير
دعه يعمل شيئًا ما بعيدًا عن الشاعرية بين الحشود
التي لن تقرأ دواوينه يومًا. 
     
هكذا يبقى الشعرُ يقظًا
يستمعُ لصوت انفتاح الأبواب والنوافذ 
يقظًا دمثًا 
ويتطاير.
* * * 
الإهداء إلى "تس" و "م"
 
كان الحبّ منصّة
أرفعُكَ فوقها، لتبقى رهن إرادتي 
للمناجاة والغزل،
لعلّك لا تعترض كثيرًا. 
فاض الهوى وأنا استمع لوقع خطواتك،
تلك التي تقيس هذي الدنيا 
والعالم الآخر أيضًا. 
بات الهوى خيوطًا من أشّعة، أرسلها لكّ هناك كلّ يوم
لتتدفّأ. 
في رحم النجوم التي أرسلها لكَ هناك كلّ يومٍ
كي لا تنام وحيدًا. 
وأرسل لك كلّ لحظة ذاك الذي لا يحمل اسمًا
لتكون كلماتك اليوم خفيفة نافذة. 
* * *
 
Когато се кача обратно
حين أرتقي عائدة، ستسألني
كيف كانت تلك الحياة؟   
ليست كما توقّعت،
كانت مفعمة بالهمّة في لحظات الفرح والتسامي
وعند مفارق العشق كانت أكثر نورًا وتجلّياً
شعرت بجسدها الغزير الكثيف في داخلي، 
حين نظرت إلى قرص الشمس يشرقُ أو يميلُ للغروب. 
لا أتذكّر الكثيرَ من المفردات المتبقية
تؤلمني الجراح المصوّبة نحوي دون غيرها
ولم أفهم على أيّة حال كيف يمكن أن يتوحّدَ
الرجاءُ والقنوط. 
نسيت كلّ شيء، كلّ ما أعرفه
وخيوطُ الحبّ كَنْزَتي
أرى كيف يسطعُ ياقوتُها 
تحتَ البشرة
هل ستجيبني بشيء ما، يجفّف فمي ويليّن ركبتيّ
شيء غير شفّافٍ، 

شيءٌ لم يحن وقته بعد.    

* * *
Аз съм само ракета-носител
أنا مجرّد مركبة شحن فضائية
مِعوَلٌ يفتحُ الطريقَ منذ قرون طويلة
كما يحرقُ المعنى المفردات
ثمّ يتسامى أخيرًا عاريًا حيًّا من عمقها
كما أنتَ تغادرُ جسدَكَ 
عندما يحينُ الوقت. 
 
من أنا؟
ما أنا؟ 
 
لا أريد أن أبصر
بل أن أشعر كيف تختلجُ أنتَ في داخلي 
مُغتبطة أن أكون حزامك الكرتوني
تحتفظ فيه بألعابك النارية
واليدُ التي تمسكُ مكنسة
تكنسني كلّ صباح
تحت غيث كانون الثاني
ترسله لي لإلقاء التحية. 
 
* * *
По празници разбираш,
تدرك خلال الأعياد أنّ الأمور لن تصبح أبدًا مثالية
فنحن على أيّة حال بشر لسنا ملائكة. 
 
ومحظوظون نبقى إذا لم نتعرّض لمرضٍ
على الأقل - أعضاء العصبة المجتمعة حول الطاولة
تفتح الهدية لتدرك فجأة أنّ توقّعاتك الشخصية
تعيقك أكثر من توقّعات الآخرين. 
وأنّ الجدارَ بينك وبين الجنّة 
حتّى وإن رفعه آخرون
يحملُ توقيعك في الزاوية السفلى من الجدار. 
 
* أديب ومترجم عربي / بلغاري مقيم في صوفيا.